تاريخ النشر: 08/06/2010
الناشر: فراديس للنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:ربما يحاول الروائي السعودي "طاهر الزارعي" في مجموعته القصصية هذه التعبير عن واقع مأزوم، عبر صرخةٍ، تعكس من خلالها هموم المواطن العربي المعاصر: "المواطن الذي خانته السلطة كثيراً، ولم تقدم له حتى رغيف فرح يستطيع من خلاله أن يرسم نبوءة أمل على شفتيه".
في كتابه الذي بين أيدينا ...يجمع الكاتب باحترافية ثمانية قصص قصيرة يسجل للقارىء فيها لقطات حية عن الحياة اليومية لشريحة واسعة من الناس، وهذا الجنس الأدبي قد امتاز به كتّاب الرواية المعاصرون للتعبير عن هذه المعايشة الحقة ما بين السلطة والشعب وما بين الصغير والكبير وبين المثقّف والشعبي وبين الحب واللا حب.
في "زبد وثمة أقفال معلقة" يرسم لنا الروائي بقلمه سطوة المتخيل الديني ودوره في توجيه قناعات الناس حيث تحتل زيارة الولي مكانة هامة في المجتمع العربي. فزيارة المريض للمقام سوف تشفيه من مرضه يقول "أهلي .. هم من أشاروا بأن أزور هذه السيدة، وأعلق قفلاً في ضريحها، وأشرب من ماء الحرم الزينبي فلعل الله يشفيني ببركة هذا المقام من نوبة الصرع التي كنت أعاني منها منذ زمن. هكذا كانت النبوءة في المذهب الذي يعتنقه أهلي".
أما في قصة "قيامة تعتقل الشهقة" يصف لنا ببلاغة الأديب أولئك المهمشين في مجتمعاتهم، كيف يعيشون، كيف يتابعون حياتهم، نتعرف عليهم من خلال شخصية بائع الخضار الساذج "عند مجيئه تكتظ الساحة بالأطفال وتعلو أصواتهم مع تصفيقهم: "جابو تأشيرة الخبل جابو تأشيرة الخبل" وهو معهم يصفق ويردد مقولتهم ..". ولكن الطريف في القصة أن "بو تأشيرة" يصدقه الناس على أنه ولي وله سر فعندما ختم الشيخ حديثه في المسجد ونصح الناس بتحضير أنفسهم ليوم القيامة قام"أبو تأشيرة الخبل" ... ورفع ثوبه، ووجه حديثه للشيخ: أقول القيامة قامت .. قامت .. أتركوا الشيطان وعلم روحك القصة موتعلمنا" . ذهل الشيخ من هذا الكلام، فهز رأسه وحوقل كثيراً، أما بقية الحضور فكانوا يتهامسون فيما بينهم: وش يقصد بو تأشيرة من هذا الكلام".
هكذا هو "طاهر الزارعي" الكتابة عنده موضوع حياة، نقرأ فيها صوته، فضلاً عن أصوات أخرى تحيا داخل النص حياتها الخاصة وكأنها شخصيات أوجدت نفسها بنفسها داخل العمل الروائي .. فكان أديبنا خير من كتب وخير من أبدع. إقرأ المزيد