تاريخ النشر: 01/01/1987
الناشر: دار البشائر الإسلامية
نبذة نيل وفرات:اهتم الأئمة الأعلام بالوسائل التي تقرب العلم إلى طالبيه، وتسهل الاستفادة للراغب فيه، وحاولوا ذلك بكل الوسائل المتوفرة لديهم، فأبدعوا في اختراع طرق للتسهيل والتقريب، يحار الإنسان في الاهتداء إلى الطرق التي سلكوها حتى توصلوا إلى ما توصلوا إليه.
وقد بذل الأئمة جهوداً لتقريب الاستفادة من السنة، فتفننوا في إيجاد ...الطرق المناسبة لذلك، وقد بدأ هذا الاتجاه مبكراً في كتب التراجم لرجال الحديث، وأقدم ما وصل من ذلك كتاب "التاريخ الكبير" للإمام البخاري (194-256)، فقد رتبه على حروف المعجم –وشأنه شأن كل رائد- فقد رتب الأسماء فيه من حيث الجملة، ولم يلتزم فيه الترتيب الدقيق في أثناء الحروف، لكنه رتبه بترتيب حروف الهجاء بالنسبة لمجموع الحرف، فابتدأ بالهزة، ثم الباء، ثم التاء، وهكذا، لكنه لم يلتزم ذلك في نفس الحرف، فقد تجد مثلاً في حرف السين سليمان قبل سالم، لكن التراجم التي تبدأ بحرف السين مرتبة من حيث جملتها بعد الزاي، وهكذا...
ولم يقتصر الأمر على كتب تراجم الرواة بل تعدى ذلك إلى ترتيب الأحاديث على أبواب الفقه، فرتبوا الأحاديث بحسب موضوعاتها، فجمعوا أحاديث الصلاة تحت كتاب أسموه كتاب الصلاة، ثم قسموا كتاب الصلاة إلى أبواب، ووضعوا تحت عنوان كل باب الأحاديث المتعلقة به، ومنهم من رتب الأحاديث بحسب صحابيهأ، ورتب أسماء الصحابة بحسب أفضليتهم، مبتدئاً بالخلفاء الأربعة، ثم العشرة، ثم أصحاب بدر...
ولا يكاد ينقضي عجبك عندما تعلم أنهم رتبوا كتباً متعددة، حوت آلاف الأحاديث على أطراف الحديث، فأتوا بأحاديث كل صحابي مجتمعة في مكان، ورتبوا أسماء الصحابة على حروف الهجاء، ذاكرين تحت اسمه كل أحاديثه في هذا الكتاب، ولتسهيل الوصول إلى الحديث الذي تبحث عنه، رتبوا لك أسماء الرواة عن هذا الصحابي على حروف الهجاء، ذاكرين أسماء الرواة عنه، مميزين أحاديث كل راو، وإن كان للراوي الأول رواة عنه كثيرون، رتبوا أسماءهم بالنسبة له... وهكذا، فيذكرون من روى عنه هذا الحديث في الكتب التي رتبوا الأطراف عليها، فقد يجتمع عدد من الأئمة في ذكر حديثه هذا في كتبهم، فترى المرتب يذكر أن هذا الحديث مثلاً اجتمع على روايته بهذه الطريق البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم.
وكتاب "غريب الحديث" لأبي عبيد القاسم بن سلام لم يلتزم مؤلفه فيه الترتيب لشرح الألفاظ الغريبة في متون الأحاديث، بل من عادته أن يسوق الحديث المتضمن للفظة الغريبة التي يريد شرحها، ثم يشرحها شرحاً وافياً، فمن أراد استخراج لفظة منه يصعب عليه الوصول إلى مكان وجودها فيه، لذلك رأى المحقق محمود ميرة للاستفادة منه القيام بهذا الجهد، وقد صنفه بداية لنفسه وأفاد منه في عمله أثناء تحقيقه لكتاب "تصحيفات المحدثين" لأبي أحمد العسكري، فرتب الألفاظ المشروحة فيه على حروف الهجاء، ثم أضاف إلى الألفاظ الآيات، والأحاديث، وأبيات الشعر، وحاول بقدر الإمكان أن يقرب الاستفادة منه بقدر الطاقة. إقرأ المزيد