تاريخ النشر: 01/01/1987
الناشر: دار الرائد العربي
نبذة المؤلف:قبل أكثر من عشرين عاماً كنت أبحث عن شاعر أو شعراء لأملأ صفحات من كتاب تحتم عليّ أن أشرع في تأليفه. وخذلتني دواوين كثيرة بالتقليد والتكرار. ووجدت في زاوية ما ست مجموعات شعرية صغيرة أنيقة مجلدة لأحمد الصافي النجفي، ترددت قليلاً ثم حملتها. وكنت من قبل أعرض عما ينظم.
وبدأت أقرأ ...أشعاره وانتبهت لإثارة وبساطة وطرافة واضحة أشاعت في نفسي فرحاً لم أعهده في أشعار سابقة، وضحكت من صور ساخرة كثيرة تضمنتها دواوينه الستة، وأيقنت أنني بإزاء ظاهرة شعرية متفردة، ودهشت لحرية الشاعر وعفويته فيما ينظم. ولم يكن يرضي، بحدود ما قرأت، نزعة القارىء المحدث إلى التجديد الا أنه، من خلال مضامين قصائده كلها، كان ناقداً أخلاقياً لشعراء كل العصور.
وتمت معرفتي بالصافي شعراً وأحببته، ووددت أن اختار مجموعة من أشعاره. وأثارت مقالات كتبتها عنه، فيما بعد، أسئلة، وكأنني أذهب في التنظير إلى ما ينأى لدى الشاعر عن التطبيق! ولم أجد تناقضاً، فما كتبته ينسجم ورأياً أبديه في شاعر مجدد أو شاعر شاب ينبىء عن قدرة ويتطلع إلى أمجاد في عالم الشعر، وليس الإيماء إلى تميز شاعر قديم أو معاصر يتبع نظام الشطرين تنكراً للتجديد في الشعر أو محاولات معاصرة في إبتداع أساليب مبتكرة.
ومرت سنوات على قراءتي الدواوين الستة. وعاد الصافي إلى العراق شيخاً متعباً جريحاً يحمل أشعاراً وأمنية وحيدة بأن تطبع. وحظي بتكريم، وقررت وزارة الإعلام نشر قصائده الجديدة، وطلب مني التقديم والإعداد، وأقبلت على عمل صعب لرداءة خطوط من دونوا الأشعار، وحاولت أن أقدم القصائد إلى المطبعة. ولم يتم ذلك فقد نعت وكالة الأنباء العراقية الشاعر أحمد الصافي النجفي في 27/06/1977 قبل أن تصدر المجموعة بأيام.
ونشرتُ بعد وفاته مقالة مفصلة عنه انضمت إلى فصل قديم في كتاب، كانت مجلة الأديب قد نشرته باختصار، ومقابلة في صحيفة عن الشاعر، ومقدمة لأشعاره الكاملة غير المنشورة. وأقامت وزارة الاعلام حفلة تأبينية للشاعر فألقيت فيها كلمة، أثبتها بعد هذا التقديم لأنها لم تنشر ولأنها تكشف عن جوانب من الصافي سيرة وشعراً. وعدت أفكر في مختارات من أشعاره جميعاً تنشر مع تلك الكلمة ودراسة تنسق ما تفرق من كتاباتي عنه.
وللشاعر آلاف الأبيات والقصائد والمقطوعات، ولم أختر له أحسن أشعاره أو أكثرها حبكة وتماسكاً في المضمون والأداء اللغوي وإنما كنت أبحث عن الأشعار التي تمثله تمثيلاً حقيقياً، إنساناً وشاعراً، من خلال رأيي فيه، أي أنني أحببت أن أقدم صورة واضحة عنه أجد أشعاره الكثيرة عملت أحياناً على إخفائها أو قادت إلى إرتباك أو تضليل نقدي. إقرأ المزيد