تاريخ النشر: 23/01/2008
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:"أجهشت سما بالبكاء، ولم تحاول منع نفسها حياءً من الدكتور فقد كان الكلام الذي يخترق قلبها قبل سمعها قاسياً، أقوى من أي مؤثر آخر وهي تردّد، عزيز، لا، أريد عزيز! أين هو؟ وكأنها لا تسمع الدكتور وما يقوله. ناولها الدكتور كأساً من الماء لتبلل حلقها الذي جفّ في لحظات. ...وقال: عزيز الآن في غرفة الإنعاش الفائق، وهو في مرحلة حرجة، يؤسفني أن أقول لك ذلك، فهذا أصعب موقف يمرّ به الطبيب، ولكن من حق أهل المصاب أن يتعرفوا على كل جوانب وحيثيات حالة مريضهم، فقد يكون كلامي قاسياً ولكن الأمر يحتاج إلى موافقتكم على أي إجراء قد نضطر إليه، وهذا أيضاً من مصلحة المريض، فعليك إدراك وضعه جيداً من أجل زوجك. سوف ننتظر ثلاثة أيام ثم نحكم على الوضع، فهو الآن في غيبوبة، ولكن الوظائف الحيوية شبه مستقرة. حاولت سما التماسك بعد كلام الطبيب بأن في يدها مساعدة زوجها وذلك بمعرفة حالته جيداً فغالبت دموعها وقالت: هل يحسّ الآن بأي ألم؟ هو الآن في غيبوبة ولا أعتقد أنه يعاني الآلام، ولكن عليك أن تعلمي أننا قد نفقده في أية لحظة خلال الثلاثة أيام المقبلة، فأكثري له من الدعاء عسى الله أن يساعده".
تدخل الرواية في إطار النمط العلمي الذي بداخله مسحات من المشاعر والأحاسيس المتولدة عن ذاك العالم الذي يحنّ إليه الإنسان، ويركن إليه كلما فاضت به الأحزان. إنه عالم الذكريات والذي يتم التركيز عليه من خلال شخصية عزيز الذي يعتريه حنين دائم إلى ماضيه، وهذا ما فتح له باب الشفاء من خلال معالجات طبية تمّ استحداثها لمعالجة هذا النوع من الإصابات الناجمة عن توقف مراكز الإحساس في الدماغ البشري. يسترسل الروائي في عبارات ومصطلحات طبية مضفياً على روايته الطابع العلمي، دون أن يلغي ذلك تلك الاستشفافات الإنسانية التي تلعب دوراً حاسماً في مساعدة المريض على الشفاء.نبذة المؤلف:فجأة وهو غارق في بكاء نفسه المنكوبة، أدرك أنه يستطيع أن يرى! أن يدرك ما حوله على غير الصورة التي كان يتراءى فيها من مخيلته.
إنه يرى مكاناً غريباً واسعاً ومضيئاً لا حدود له ولا تفاصيل ولا خطوط فاصلة. نظر مسرعاً إلى الأعلى محاولاً رؤية السماء متبيناً الأفق من الأرض، فوجد أن لا حدود بين السماء والأرض، بين المكان الذي يقف والمكان في الأعلى، كأنه داخل كرة سرمدية ممتزجة. وإن كانت كسماء في طور التشكل. أمعن النظر في السماء التي تتبلور فإذا به يرى سحباً لأول مرة، وإن هي إلا لحظات حتى تلبدت الغيوم فوقه ناثرة أمطارها.
تابع مرتاعاً حبات المطر وهي تقترب من عل بسرعة رهيبة لم يعتدها في قطرات مطر.
فإذا بها حبات من بشر!
عشرات الوجوه والشخوص، مئات الهيئات والسحنات تهوي إليه بسرعة رهيبة كأنها تبغي أن تحط على رأسه، حتى تلاطمت عليه ومن خوله، فإذا هي وجوه يعرفها.
أناس أحبهم، بشر قابلهم في صباه، أصدقاء الطفولة، أساتذة المدرسة، أصحاب المتاجر، أعداء المراهقة، شخوص قابلها على طرقات المساجد والمحلات تهوي إليه من السماء.
يا إلهي، أبعث هذا ونشور؟ أكنت ميتاً منذ دهور؟ إقرأ المزيد