قصيدة النثر وإنتاج الدلالة
تاريخ النشر: 01/06/2007
الناشر: دار الساقي للطباعة والنشر
نبذة الناشر:عندما قررت الدخول إلى العالم الشعري لـ"أنسي الحاج"، لم أكن أعرف شيئاً عن هذا العالم. لم أكن أضمر أي حدس خاص، أو انطباع أول، أو حكم مسبق. وفجأة وجدت نفسي وأن أقتحم هذا العالم المحصن من الداخل، مكن يقف على أبواب "طيبة"، أعزل إلا من بعض عدة معرفية، وأدوات منهجية، ...يحاكم بها ويستقصي، يغور ويستكنه، طالعاً بأجوبة ربما ظفرت بسر الجواب، وربما ظفرت ببعض هذا السر، أو عادت بأسئلة جديدة تغري بالبحث عن جواب.
ومن المؤكد أن العالم الذي أغزوه سيغير من طبيعة أسئلته، وأن "أم الهول" في نهاية هذا البحث، لن تكون كما كانت في بدايته، وأن الحكم متروك -في النهاية- لمن يشهد المواجهة على أبواب "طيبة".
ويقيناً، لم أكن ملماًَ بما يسيج قصيدة النثر من كتابات، بما يحيط بها من دراسات، لم أكن ملماً بما كتبته "سوزان برنار"، وبما كتبه غيرها، بما يكتب الآن، أو ينبغي أن يكتب للغد. كل ما أعرفه أنني غسلت نفسي من كل ما في نفسي من قصيدة النثر، من أفكار عنها، من أحكام عليها، وحاولت أن أغطس في مياهها عارياً إلا من هم واحد، هو أن أفهم وأن أستقصي، أن أخرج من التجربة إلى النظر، من الممارسة إلى المفاهيم، وأن يكون شعر "أنسي الحاج" أردني الذي تحيا فيه رؤيتي لقصيدة النثر، أو تعود إلى الحياة.
وحرصاً مني على غنى التجربة الشعرية في تطورها وامتدادها فلقد قررت أن أتناولها بما يستجيب للمراحل التي اجتازتها، من دون أن أزعم أن في وسع القصيدة أن تغطي مرحلة مهما كانت القصيدة تحمل من سمات. فلكل قصيدة قوامها، وهيهات أن تستنفد الوردة عطر الحديقة.
ولكنه، بعيداً عن أن يحيط الواحد بالمتعدد، إنه يبقى خيطاً في نسيج متناغم، صدى لنبرة متجانسة، وردة في إضمامة واحدة.
ولما كان الدخول إلى المحيط يقتضي تمزيق سكونه بالحركة الحرة المتواصلة، فإنه "يؤسف النقد -على حد قول "جان بيير ريشار"- أن يقوم بهذا التمزيق"، ويسلوه أن تكون غايته الأخيرة الوصول إلى "شكل آخر"، أو "وحدة جديدة" تنتظم الأشلاء المبعثرة لجسد "أوزيريس".
"...وهذا الحداثي القادم من أول "البؤرة" إلى آخر "الدلالة"، ومن لعنة الواقع إلى لوثة الجنون، هل استطاع أن يكره الطبيعة على أن تسلم أسرارها؟ أم أن الطبيعة -واللغة استسرت عليه، وارتجت أبوابها في وجهه، وغارت إلى الأعماق؟ وإذا كان الانتهاك شرط الحكمة، فإلى أي حد كان هذا الشعر انتهاكاً، وكان هذا الانتهاك مجوسياً، وكانت هذه الحكمة- الانتهاك جريمة بحق اللغة؟".
"...هو ذا نحن في عالم عجيب أقل ما يقال فيه إن كل قطعة منه عالم قائم بذاته؟ عالم حر لا فوضوي، متعدد لا واحدي، عصي على التأطير والتحديد. ولكن الإيقاع يبقى -إلى جانب علامات أخرى -خصوصية الشعر، ويبقى الإيقاع الخفي- إلى جانب علامات أخرى- خصوصية قصيدة النثر".
"...قصيدة النثر ليست القصيدة التي تكتب بالنثر، ولا القصيدة التي تمتح من النثر، إنما هي القصيدة التي تفرط حبات عقدها، أو ما كان يمكن أن يكون عقدها، هي القصيدة التي تنثر عناصرها كما اليد تنثر الحب في الأرض، لا كما ينتظم "القصيدة" في خيط متعارف عليه".
كل هذا وسواه تقرأه في هذا الكتاب الذي يتناول فيه شعر أحد ألمع شعراء جيله واحد من ألمع نقاد جيله. إقرأ المزيد