إشكالية التنمية في العالم الثالث
(0)    
المرتبة: 41,025
تاريخ النشر: 01/10/2006
الناشر: دار المنهل اللبناني للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:يعيش العالم الثالث أزمة عميقة ومتفاقمة تطال مختلف جوانب الحياة فيه، تاركة بصماتها على حاضره ومستقبله. فهو يعيش حالة من المراوحة والركود لم تعد تنفع معها المعالجات والسياسات السابقة والتي أظهرت فشلها وعقمها. فالعالم الثالث اليوم أصبح كالمستنقع الراكدة مياهه، يطلق الفطريات والأوبئة إلى من حوله. هو راكد مع ...أن العالم يتغير كما كل شيء يتغير.
إن بقاء العالم الثالث على هذه الحال المستعصية يمكن أن يؤثر على السلم والأمن الدوليين، حيث التوتر يبقى قائماً بين شمال غني ومتقدم وجنوب فقير ومتخلف، كما أن بقاؤه على هذه الخال سوف يبعد أجزاء واسعة من العالم عن الاهتمام والمشاركة في معالجة القضايا والمشاكل الدولية التي تعترض البشرية (البيئة، السلاح النووي، الأمراض المعاصرة...).
فعلى الصعيد الاقتصادي لا يزال العالم الثالث يعيش حالة التبعية المطلقة للغرب، مع استمرار بقاء الهياكل الاقتصادية المشوهة، وتزايد مستويات الفقر والجوع والمرض، وارتفاع معدلات البطالة والأمية، واستمرار الاستغلال الوحشي للثروات الوطنية من قبل الشركات المتعدية الجنسية إنتاجاً وتسويقاً وتسعيراً.
أما على الصعيد السياسي فلم تستطع هذه الدولة إقامة دولها الوطنية، والمؤسسات الديمقراطية التابعة لها، أو أن تحقق وحدة شعوبها، فلا زالت التناقضات والانقسامات الطائفية والإثنية والقبلية تلقي بثقلها على بناء وتطور الوحدة الوطنية، ولا زالت مشاعر العداء والكراهية تتعمق بين مكونات المجتمع مما يهدد بتجزئة هذه الدولة وانقسامها إلى دويلات متنافسة ومتقاتلة.
ولعل تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 كان محقاً في ربطه بين قيم المجتمع والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية حين قال: "أدت الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية دوراً حاسماً في توجيه القيم ونسق الحوافز المجتمعي. فقد خضعت جملة البلدان العربية منذ عهود الاستقلال إلى أنظمة سياسية "وطنية" لم تستطيع أن تتخلى عن نزعات الاستبداد المتحدرة من عصور التاريخ القديمة والمتأخرة.
في هذا الإطار يأتي كتاب الدكتور "إبراهيم مشورب" حيث يستعرض فيه ملامح التجربة الغربية من التنمية والعالم الثالث، بعد ذلك يتحدث عن كل من الموضوعات التالية: التنمية المستقلة، التطور اللارأسمالي، قيام الدولة الوطنية، المجتمع في العالم الثالث، الديمقراطية والمشاركة الشعبية، السيطرة على الموارد الطبيعية والاقتصادية للبلد، التعاون الإقليمي.
ويلخص الباحث في كتابه هذا إلى القول: إن العالم الثالث يخوض معركة بقاء. ولا بد من خوض هذه المعركة من أجل المستقبل. فلا يمكن لهذه الدول أن تستمر في ظل أزمتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
ويمكننا القول إن هذه المعركة هي سياسية بامتياز وتتلخص في وجود إرادة حقيقية وقرار سياسي في استكمال الاستقلال السياسي وتعميق مضامينه، والتخلص من التبعية المطلقة للغرب. فلا يمكن التخلص من التبعية أو التخفيف من حدتها إلا بانتهاج سياسية حرة مستقلة. والاستقلال لا يعني في عالمنا المعاصر القوقعة والعيش في ظل شعار حديدي، حيث يتكامل العالم وتفتح الحدود فيما بين الدول.
كما أن هذه السياسة يجب أن تترافق مع السعي إلى إقامة الدولة الوطنية، بما تعنيه من مؤسسات دستورية منتخبة، وإطلاق الحريات العامة ومشاركة المجتمع والمواطنين في عملية التنمية فلن تنجح أي عملية تنموية دون مشاركة الناس في الإعداد لها وتنفيذها، فالتنمية كما قلنا ليست عملية تقنية تبتغي زيادة في الدخل القومي، أو الزيادة في إنتاج السلع والبضائع وإنما هي عملية متكاملة تطال مختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. إقرأ المزيد