قصص الرحمن في ظلال القرآن
(0)    
المرتبة: 221,850
تاريخ النشر: 01/01/1995
الناشر: مؤسسة الرسالة ناشرون
نبذة نيل وفرات:إن القرآن الكريم يجمع أسرة النبوة في ندوة واحدة، تتلقى من ربها حديثاً واحداً، ترتبط به أرواحها وقلوبها، وتتصل به طريقها ودعوتها، ويحسّ المسلم الأخير أنه فرع من شجرة وارفة عميقة الجذور، وعضو من أسرة عريقة قديمة التاريخ، هذا الموكب الكريم، الممتد في شعاب الزمان من قديم، يواجه، كما ...يتجلى في ظلال القرآن الكريم، مواقف متشابهة على تطاول العصور وكرّ الدهور، وتغيّر المكان، وتعدد الأقوام، يواجه الضلال والعي والهوى والطغيان، والاضطهاد والنفي، والتهديد والتشريد.. لكنه يمضي في طريقه ثابت الخطى، مطمئن الضمير، واثقاً من نصر الله، متعلقاً بالرجاء فيه، متوقعاً في كل لحظة وعد الله الصادق الأكيد.
إنه وحي واحد، ورسالة واحدة، وعقيدة واحدة، وإنه كذلك استقبال واحد من البشرية، وتكذيب واحد، واعتراضات واحدة. إنه موقف واحد، وتجربة واحدة، وتهديد واحد، ويقين واحد، ووعد واحد للموكب الكريم.. وعاقبة واحدة ينتظرها المؤمنون في نهاية المطاف وهم يتلقون الاضطهاد والتهديد والوعيد.. ثم هي بعد ذلك وشيجة واحدة، وشجرة واحدة، وأسرة واحدة، وآلام واحدة، وتجارب واحدة، وهدف في نهاية الأمر واحد، وطريق واصل محدود. أي شعور بالأنس، والقوة والصبر والتصميم، توجيه هذه الحقيقة لأصحاب الدعوة إلى الإسلام، السالكين في طريق سار فيها من قبل أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؟ وأي شعور بالكرامة والاعتزاز والاستعلاء على مصاعب الطريق وعثراتها وأشواكها وعقباتها، وصاحب الدعوة يمضي وهو يشعر أن أسلافه في هذا الطريق هم تلك العصبة المختارة من بين البشر أجمعين؛ إنها حقيقة هذا الدين.. ولكن أي آثار هائلة عميقة ينشئها استقرار هذه الحقيقة في نفوس المؤمنين؟ وهذا ما يصنعه هذا القرآن، وهو يتحدث في قصصه عن تلك الحقيقة الضخمة ويزرعها في القلوب.
والقارئ في هذا الكتاب سيكون مع تلك القصص التي تستحضر أحداث سيرة الأنبياء في المجتمع الإنساني، مع كل جماعة مؤمنة نشأت على الإسلام، عبر الأيام، حيث سيرى كيف تربّي وتقوّم، وتعدّ للنهوض بحمل الرسالة والخلافة في الأرض، فينشئها الله إنشاءً يبدأ من بعث تصوّر جديد كامل لهذه الحياة، وإقامة حياة واقعية على أساس هذا التصور. إن هذا الدين إن لم تترجم مبادئه وشرائعه إلى أعمال وسلوك ووقائع، فسيكون إذاً فلسفة مجردة، وأبحاث عامة، ولن يكون ديناً أبداً بأي حال من الأحوال! ويتلمس القارئ في هذا الكتاب كيف اقتضت تربية النفوس وإعدادها جهوداً ضخمة، وصبراً طويلاً، وعلاجاً بطيئاً، في صغار الأمور وكبارها.. كانت حركة بناء هائلة هذه التي قام بها الرسل والأنبياء. بناء النفوس التي تنهض برسالة السماء في خلافة الأرض لإقامة المجتمع الإنساني على منهج الله.
كما يشهد القارئ في هذا الكتاب صورة موحية من رعاية الله للمؤمنين؛ فهو يضع هذه الجماعة المسلمة على عينه، ويربيها بمنهجه، ويشعرها برعايته، ويبني في ضميرها الشعور الحيّ بوجوده، سبحانه، معها في أخصّ خصائصها، وأصغر شؤونها، وأخفى طواياها، وحراسته من كيد أعدائها خفيّة وظاهرة؛ وأخذها في حماه، وضمها إلى لوائه وظلّه. وبعد ذلك كله يمكن القول بأن هذا الكتاب إنما هو عرض لحقيقة الدين ومفهوم الإسلام الحنيف على المسلمين أنفسهم، عرضاً قرآنياً، فطرياً بسيطاً، كما عرضه كتاب الله وسنة رسوله محمد (ص)، على النحو الذي عرفه أصحاب النبي (ص) والتابعون لهم بإحسان، قبل تبلبل الأفكار، وتفكك عرى التقوى، وغلبة الدنيا، واستبداد الأهواء بالجماعات والأفراد على السواء، ونبذ كتاب الله وراء الظهور، وترك العمل به، وإبعاده عن مجال الحياة والتفكير. إقرأ المزيد