تاريخ النشر: 01/12/2003
الناشر: دار العدالة للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:يشك النشاط التجاري عصب الحياة الاقتصادية بما يوفره من تداول لمختلف السلع والخدمات. وهذا التداول لا يمكن أن يحقق غايته إلا إذا توفر له الائتمان والثقة تيسيراً له. والواقع أن ذلك الائتمان وتلك الثقة لا يمكن تحقيقهما إلا بوجود أحكام قانونية صارمة تفرض احترامها عبر النص على جزاءات معينة ...تنزل بالمخالف وتكون الوسيلة الرادعة لمنع المخالفة وحث التاجر على التقيد بالموجبات التي تفرضها ممارسة النشاط التجاري.
وتظهر الأحكام القانونية الصارمة بشكل خاص في قانون التجارة اللبناني من خلال مظان الإفلاس القاسي إلى حد بعيد، هذه القسوة التي حدت بالكثيرين إلى وصف هذا النظام وبالتالي الحكم القاضي بإعلان الإفلاس بحكم الإعدام التجاري الذي ينزل بالتاجر المفلس بالنظر إلى الجزاءات التي يتضمنها كإسقاط المفلس من حقوقه المدنية، وغل يده عم إدارة أمواله، ومنعه من تغيير محل إقامته إلا بإذن من القاضي المشرف على إدارة التفليسة، ومنعه من ممارسة النشاط التجاري لفترة معينة، بالإضافة إلى جزاءات أخرى لا مجال لتفصيلها هنا.
إلا أن الواقع التجاري ومقتضيات السوق تظهر في كثير من الأحيان أن التاجر المعلن إفلاسه ليس بالضرورة ذلك التاجر المهمل، وقد يكون حظه العاثر ومعاكسة السوق له قد أوصلاه إلى مثل تلك الحالة، الأمر الذي يؤدي إلى وصف نظام الإفلاس بأنه نظام ظالم ومجحف بحق التاجر حسن النية-سيء الحظ، إلا أنه مهما يكن من أمر، فمثل ذلك التاجر قد أعطى فرصة حتى في ظل نظام الإفلاس للنهوض مجدداً من كبوته ومتابعة نشاطه التجاري بمساعدة دائنيه في حال موافقتهم على منحه صلحاً يتم بمقتضاه تسديد الدين كلياً أو جزئياً بآجال يتم الاتفاق عليها.
والواقع أنه على الرغم من قسوة نظام الإفلاس، فقد يجد فيه التاجر أحياناً ملاذاً من ملاحقة دائنيه، فإعلان الإفلاس يؤدي إلى وقف الملاحقات الفردية للدائنين بحق التاجر المفلس، كما يؤدي من ناحية أخرى إلى وقف مجرى فوائد الديون، وهذين الأمرين قد يخففا إلى حد ما من وقع الكارثة التي تحل بالتاجر من جراء إعلان الإفلاس، وقد يكونا من الأسباب التي تحدو التاجر إلى طلب إعلان إفلاسه إذا كان على يقين من أنه لن يستطيع مواجهة التزاماته ومتابعة نشاطه التجاري بالصورة المعتادة الطبيعية. مع الإشارة إلى أن القانون اللبناني يجيز للتاجر أن يقدم مثل ذلك الطلب.
هذه اللمحة الموجزة والمختصرة عن نظام الإفلاس في قانون التجارة اللبناني أردنا منها تسليط بعض الضوء على محتويات هذا الكتاب الذي يضع بين أيدي رجال القانون من قضاة ومحامين وأساتذة قانون في الجامعات والمعاهد العليا لتدريس الحقوق، الحلول العملية لمسائل قانونية عرضت في قضايا إفلاسية فصلت فيها الغرفة الأولى لمحكمة الدرجة الأولى في بيروت-الناظرة في القضايا الإفلاسية. إقرأ المزيد