الجماعات العربية في أفريقيا
(0)    
المرتبة: 120,937
تاريخ النشر: 01/12/2005
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
نبذة نيل وفرات:إن العربي المغترب سواء أكان لبنانياً أم سورياً أم مغربياً أم موريتانياً أم غيره، ساهم عبر رحلته الشاقة مع العمل في أفريقيا التي استغرقت حتى الآن أكثر من قرن وربع القرن، وابتدأت مع البائع المتجول "حامل الكشة" أو "البقجة" على ظهره الذي يدور بها طيلة ساعات النهار على قدميه، ...وانتهت بأن يتحول إلى تاجر استيراد وتصدير أو صاحب مصنع أو شركة أو طبيب أو مهندس أو صاحب فندق أو صاحب محل أو غير ذلك، هذا العربي ساهم عبر هذه الرحلة ببناء أجزاء واسعة من مشاريع التنمية في أفريقيا، كما أنه أول من أدخل الصناعة إلى بلدان أفريقية كثيرة، كما أنه ساهم في بناء الأجزاء الحديثة من المدن والعواصم الأفريقية مثل: أبيدجان، وياما ساكرد، وفريتاون، وداكار وغيرها.
هذا العربي المدني/المتحضر الذي بنى وعمّر، وأفنى زهوة شبابه في بناء أفريقيا، مثلما أفناها في بناء نفسه وبلده العربي عبر التحويلات الحالية المشروعة، هذا العربي مثل نظيره العربي، القبائلي الذي يعيش في بلدان أفريقية كثيرة على تخوم الصحراء والذي اندمج مع بقية السكان واشترك معهم في النضال ضد الاستعمار الأوروبي، وحمل الجنسية الأفريقية، شأنه في ذلك شأن إخوانه الأفارقة يعتز بانتمائه الأفريقي الوطني، مثلما يعتز بنسبه العربي. هذا العربي سواء أكان من المدنيين أم من أبناء القبائل العربية، حصل على الجنسية الأفريقية أم ظل يحتفظ بجنسيته العربية، انطبق عليه وصف "الجالية" أي العربي المغترب الذي يقيم في أفريقيا بيد أنه يحمل أو ما زال يحمل جنسيته العربية، أو شمله وصف "الأقلية" أي العربي الذي تخلى عن جنسية بلده العربي أو فقدها واكتسب جنسية البلد الأفريقي الذي استقر فيه.
هذا العربي تعرض ويتعرض لمخاطر جمّة وعليه فإن الموقف يتطلب وقفة جريئة لدرء هذه المخاطر أو التخفيف من وقعها على أوضاع ومصالح هذا العربي المقيم والمستقر في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء. والسؤال الذي يطرح نفسه: من يحمي هذه الجماعات أو الجاليات العربية وكيف؟! حول هذا الموضوع وغيره من المواضيع المتعلقة بالجماعات العربية في أفريقيا وبعبارة أوضح حول أوضاع الجاليات والأقليات العربية في أفريقيا جنوب الصحراء تأتي هذه الدراسة التي ومن أجل أن تكون شاملة أو وافية، على قدر المستطاع ارتأى الباحث أن يكون عماد منهجه في الكتابة هو الالتزام بالواقعية وبما هو قائم أو كائن، لا بما ينبغي أن يكون، إلا عندما يتعلق الأمر بالمقترحات، فعندها عمد إلى التزامه بما ينبغي أن يكون عليه.
إذن إن المنهج الاجتماعي/المقارن كان هو الأساس الذي اعتمده الباحث في كتابة هذه الدراسة، دون إهماله للمنهج التاريخي الذي قدم جذور وبدايات الوجود العربي الأفريقي من أزمان بعيدة، حتى الزمن الذي يبتدئ منذ العقد الستيني من القرن الماضي، عقد الاستقلال السياسي الأفريقي، وحتى مشارف الألفية الحالية، من دون إهمال الرؤية المستقبلية التي تمثل بعداً ذا أهمية لما يحيط بالوجود العربي في أفريقيا من مخاطر وتحديات في ضوء المتغيرات الدولية التي تحمل في ثناياها ريحاً غير مؤاتية لسفن العرب والمسلمين سواء في أفريقيا أو غيرها. لذلك كان المتغير السياسي حاضراً في مفردات الدراسة من ألفها إلى يائها.
بدأ الباحث بمدخل عام عن طبيعة الدولة أو المنطقة التي يوجد فيها عرب، من أجل أن يحيط التابع علماً بالبيئة المحلية التي استقر فيها العرب، وأن يأخذ القارئ فكرة عن الواقع الاجتماعي/الاقتصادي/السياسي الذي يتفيأ العربي في ظله. ثم تمّت تثنية الدراسة بحديث عن المنشأ الذي تحدّر منه عرب أفريقيا. إلى جانب ذلك اهتمت الدراسة بالهجرات الأخيرة لأن روادها وأعقابها شكلوا العمود الفقري للجاليات العربية الحديثة في أفريقيا عموماً، وفي غربي القارة تحديداً، وكان لهم شرف الإسهام في بناء المدن الأفريقية الحديثة. ومن ثم تمّ التعريج عبر الدراسة نحو متابعة الأوضاع الطبقية (المهنية) للجماعات العربية في أفريقيا، كما تمّ التطرق إلى المعتقدات الدينية والمذاهبية، فضلاً عن علاقة عرب أفريقيا بالطرق الصوفية المنتشرة في أفريقيا وذلك قبل الولوج في موضوعة الاندماج الاجتماعي. والتزاماً بتناول كل ما يتصل بالمغتربين العرب في أفريقيا فإن الدراسة تناولت موضوعاً غاية في الحساسية، وهو موضوع النشاط السياسي لعرب أفريقيا، وطبيعة علاقتهم مع السلطة السياسية، وإذا ما أتينا إلى الفقرة الأخيرة من الدراسة، فنرى أنها تناولت بشيء من التفصيل المشكلات التي يتعرض لها أبناء الجماعات العربية في أفريقيا، مع مراعاة خصوصية المشكلات بالنسبة إلى كل جالية أو جماعة في الدول الأفريقية التي تقيم فيها. إقرأ المزيد