تاريخ النشر: 01/01/2006
الناشر: دار الساقي للطباعة والنشر
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:ها هي قشعريرة. خفيفة باردة تجتاح جسمي، تبدأ من نقطة وسط "رأسي، ثم تنتقل إلى أخمص قدميّ، ثم تعود إلى فوق بطريق عكسي. وها هو الأمر يتكرر عدة مرات، فيما شدة القشعريرة تزداد مع كل مرة. تنتاب جسمي في هذه اللحظة اهتزازات، أشعر بها تبدأ خفيفة، ثم تزداد. جسمي ...كله يرتعد بشكل لم آلفه من قبل. يستمر هذا لدقائق. الآن، أبدأ أحسّ بأن رأسي ينفصل عن رأسي. إحساس غريب يصعب وصفه! للمرة الأولى في حياتي أختبر أن الوعي يمكن أن يستمر بمعزل عن الجسد! تستمر عملية الانفصال تدريجياً. في هذه اللحظة انفصل كتفاي عن كتفيّ، ثم صدري عن صدري.. أشعر بأني طافية على وجه حوض ماء، أصعد وأهبط إليه بشكل لطيف ومتدرج. أشعر بأن ثقل قدميّ يزداد، وكأنهما كفة ميزان ترجح نحو الأسفل، بينما رأسي، الكفة الأخرى، يصعد باتجاه الأعلى. أجد نفسي واقفة، لكن من غير وزن، وكأني أقف على ظهر غيمة! يخطر لي أن أنظر إلى الخلف، فأراني مستلقية على الفراش، مسبلة الذراعين، والمصل معلّق في اليد اليمنى. أشعر بأن قلبي يكاد يتوقف! من أنا؟! ومن الذي يرى جسمي؟.. ما ألبث أن أخرج من الغرفة عبر السقف، وكأنه من هواء. أصير في الفضاء، خارج المشفى. وفي غضون برهة لا تنتمي للزمن، أصل إلى مشارف بلدتنا الصغيرة، أعرج على البرية. القبر هنا. أقف فوقه. القبر مفتوحاً لا يزال، والجثمان فيه واضح المعالم. على مقربة من الرأس، وفوقه، أرى غيمة صغيرة جاثمة، ينطلق صوت يشبه صوتي تماماً، أسمعه وكأنه قادم من بئر سحيقة، يقول: لماذا فعلت هذا، يا بشر؟!
كان لا بد من ذلك، يا أختي، وأنا ورفاقك، وأنت، والوطن؟! هل كان الرحيل هو الدواء؟ أما عليك أن تبقى من أجل الآخرين، ومن أجل أن تصنع غداً أفضل؟. لم يكن هناك جدوى، يا هبة. لقد فقد كل شيء معناه. ألا يكفي هذا؟.. ذراعا الطيف الشفيفتان تحتضنان الغمامة، وكلمات وجد تدخل أعماقي. القبر مفتوحاً ما يزال، والجسد مسجّى. الوجه مرتاح، والعينان مسبلتان، نظري يتبع الغمامة المرتفعة.. الطيف يقفل عائداً.. عيناي تنغلقان على هديل حمامة".
عبور خارج أسوار الجسد وانعتاق من انكسارات حياتية حفرت بعيداً في عمق الروح. تجربة ترويها أميمة الخش تطرح من خلالها آلام الفلسطيني الذي يرى أمام عينيه اغتيال وطنه لتقول بأن اغتيال الوطن هو أكبر من اغتيال حياة المواطن.
سرديات تعرضها الروائية بأسلوب شفاف رائع يجعل القارئ متماهياً مع تلك التجربة الروائية المتداخلة المرامي والأهداف.نبذة الناشر:"بشر لم يمت، يا هبة... إنه كهذه الورود التي تضعينها في المزهرية الثانية. لقد تحول فقط، وسيولد من جديد. الموت ليس هو النهاية التي نظن.
كما خط الأفق تماماً: ما وراءه مفتوح على جميع الاحتمالات. نحن فقط الذين لا نزال نجهل أشياء كثيرة في هذا الكون اللانهائي!
إذاً، سيظل السؤال قائماً، ما دامت الحياة ممتلئة بالمتناقضات، وما دام الإنسان يقع، فينظر إلى من يعلمه كيف ينهض. ويخطئ، فينظر إلى من يعلمه كيف يصيب، غافلاً عن نبعه الداخلي الذي يستطيع، وحده، أن يروي ظمأه الأزلي.
ولكن، من منا يستطيع أن يفعل هذا كله؟ من منا يستطيع أن يستمد القوة من ذاته وحدها؟ من منّا يستطيع أن يكون حراً كطائر يحلق عالياً، ليرى المرى المشهد من فوق، فيحيط بالكلي والعميق؟ من منا يستطيع أن يصعد السلم إلى الدرجة التي يمكن له من فوقها أن يمدّ بصره إلى ما وراء الخط المرسوم، فيرى العوالم المفتوحة على النهاية؟" إقرأ المزيد