تاريخ النشر: 01/12/2003
الناشر: ديناميك غرافيك للطباعة والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:الدخول إلى المسرح الرحباني، دخول إلى نص (حواري وغنائي) محكم الحبكة والتقسيم والشخصيات والتفاصيل، على ما يبدو فيه من عفوية في النسيج الكتابي. وهو ذو رسالة إنسانية وحضارية جعلته ضالعاً في ضمير الناس ومشاعرهم، يتلقفونه على أنه هم، أو على أنهم يتمثلون فيه أصدق تمثيل.
من هنا ما نشهده، كل ...عام، من تقديم فرق هاوية أو مدرسية أو شبه محترفة، أعمالاً مسرحية رحبانية لجمهور القرى والمهرجانات والمدارس والضواحي، حتى ليغدو النص الرحباني، مع مرور الزمن، تراثاً كلاسيكياً يدخل من الباب الواسع (ليبقى أبداً) في ذاكرة أدبنا اللبناني الكلاسيكي.
ومتى قلناه كلاسيكياً، قلناه يعاد ويستعاد، متوغلاً في الزمن، متوهجاً بحضوره، نضراً بنصه وألحانه وأغنياته، ضالعاً في الذاكرة الشعبية اللبنانية بشخصيات فيه باتت رموزاً شاعت، يشار إليها وبها يستشهد.
وذلك أن النص المسرحي الرحباني (بحواراته وكلمات أغنياته ,ألحانه ونسيجه الكتابي) انطلق من قاعدة ذات خلفية ثابتة، اختزنها الأخوان رحباني من إرثٍ عريقٍ (شعبي وفني وجمالي) غرفاً منه فلم يكرراه، بل طوراه إلى الأفضل، إلى ألأجمل، إلى الأنضر، ليبقى من جيل إلى جيل زاد أجيالنا الطالعة المقبلة.
لا يحاولن أحد إعطاء المسرح الرحباني تسميات ليست له (مغناة أوبريت،...)، إنه بتركيبته التأليفية "مسرح غنائي", ومشاهده (كوميدية، وطنية، درامية، صدامية، عاطفية، غنائية، حوارية تمثيلية...) تجنح إلى القصر: لا يكاد موضوعها يتضح حتى ينتقل النص إلى المشهد التالي. وهذا اللاتطويل في المشاهد خلق للنص الرحباني إيقاعاً سريعاً (ولو متأنياً) في تشكيلية تقطيعه الدرامي، تمر فيه الرسالة واضحة وتنتقل إلى المشهد التالي.
والنص المسرحي الرحباني (دون الكثير سواه من نصوص المسرح اللبناني) يتسم بالمسحة الشاعرية (ولعل في هذه فرادته الخالدة) فتغدو شعرية النص أساساً للحوار غالباً ما يتشح بها العمل كله.
وعبثاً نبحث في النص المسرحي الرحباني، عن حكاية وراءه أو دافع أو وازع لكتابة هذا النص أو ذاك، لإيجاد هذه الحبكة أو تلك، للتطرق إلى هذا الموضوع أو ذياك. فالنص الرحباني (حين ليس نصاً تاريخياً محكوماً بوقائع وثوابت) مرصع دائماً بالخيال. ولأن الواقع يلغي الخيال ويمزق شال تشرنقه خلف أسطورة أو حكاية أو تخيل روائي خلاق، فليظل غموض التأليف سراً بين عاصي ومنصور، لا يحاولن أحد أن يقشره، وليبق سراً لا يفتضه محاول، وليستمر الجمال المحيط بظروف التأليف شالاً يهنأ خلفه السر ويظل سراً.
بين تقديم النص المسرحي الرحباني على الخشبة (ليغيب تباعاً في كثافة السنوات)، وصدوره (اليوم) مطبوعاً ليبقى مرجعاً يعاد إليه، يقف قراؤه اثنين: قارئ شاهد العمل على الخشبة (ويسمعه تسجيلاً صوتياً) وسيقرأه اليوم بنوستالجيا جميلة فيتابع مشاهده بعينيه (قارئاً) وبذاكرته (عائداً حنينياً إلى تلك الأمسيات)، وقارئ لم يعرف العمل على الخشبة فيواجهه اليوم نصاً مسرحياً كما يواجه أي نص مسرحي كلاسيكي عالمي مطبوع. إقرأ المزيد