تاريخ النشر: 01/01/1996
الناشر: دار نظير عبود
نبذة نيل وفرات:كثيرون هم الرحّالون الذين أمّوا لبنان في مختلف العصور قديمها وحديثها، ودرسوا تاريخه وأحواله الاجتماعية والسياسية، ونقّبوا عن مخلّفات الشعوب التي تداولته منذ العصور السابقة للتاريخ، وتحرّوا أسلوب حياتهم وطرق معايشهم ودياناتهم وتقاليدهم وعاداتهم وأحوالهم الطبيعية والعمرانية، ثم عادوا إلى بلادهم ووضعوا كتباً ضمّنوها ما توصلوا إلى معرفته.
وقد يكونون ...ضلّوا، أحياناً، في بعضد أمور، واستهدفوا للنقد فيما دوّنوه من غير تدقيق، أو عن مرمى مقصود. غير أنهم، على ذلك، تركوا لنا إرثاً، من مؤلفاتهم، جمّ الفوائد، كشف خفايا من تاريخنا كنا جهلناها لولاهم، وآثاراً كانت إما مدفونة في بطن الأرض فجلوها، أو مهملة لم يكن أسلافنا يهتمون بها فأحيوا معالمها.
ومن الرحّالين المتأخري العهد الدكتور لويس لورته أحد العلماء الفرنسيين المشهورين. ولد هذا في أونة قاعدة معاملة شارانت السفلة (فرنسا) سنة 1836، وتوفي في ليون سنة 1909. كان أستاذ علم الحيوان في معهد ليون الطبي في سنة 1877، ثم صار عميداً لهذا المعهد، فمديراً لمتحف التاريخ الطبيعي في المدينة نفسها. وقد رحل، في خلال ذلك، رحلتين إلى لبنان وسوريا وفلسطين: إحداهما في سنة 1875، والثانية في سنة 1880، حمل معه منهما، على حدّ قوله: "مجموعات علمية خطيرة، وأكثر من مئتي صورة، وحصاداً غنياً من التذكارات". ووضع كتاباً ضخماً مزيناً بالصور دعاه باسم "سوريا اليوم"، ضمّنه تفاصيل رحلتيه، ودروسه، ومشاهداته، منذ خروجه من مرسيليا حتى عودته إلى فرنسا.
وكان في كل ما مرّ به، في رحلتيه من عتائق المدن، والأماكن اللبنانية التي زينتها الطبيعة ببدائعها الخلابة، وألبسها أسلافنا من الجمالات والروائع الفنية كسوة باهرة-كان في كل ذلك ينقّب عن آثار القدامى ويستخرج ما استطاع استخراجه من الدفائن والمطمورات الثمينة، ويدرسها من خلّفوها، ويدرس ما كان يحيط بها، في الجيولوجية، والعرقية، والعمرانية، والاقتصادية، والزراعية، مدققاً تدقيق العالم المستبحر. وأكثر ما تبسّط في كلامه على العاديات وتاريخ المدن اللبنانية القديمة وانتقالها من يد فاتح إلى يد آخر، وعلى حيوان لبنان ونباته وطبيعة أرضه.
وهذه الفصول التي تتعلّق من كتابه بلبنان هي التي يضمّ هذا الكتاب الذي بين يدينا ترجمته إلى العربية وجميعها تأتي تحت عنوان "مشاهدات في لبنان"، وذلك لأن المؤلف ذكر فيها كل ما شاهده في لبنان، هذا ولم يهم المترجم منها إلا نظريات شخصية للمؤلف، أهملها إما لأنها تمس شعوراً أو لأنها تذكر حالات طواها العهد اللبناني الجديد، وأضاف تعليقات على بعض الأبحاث وذلك للضرورة وهذه التعليقات إما تهتم بشرح مبهم حديث المؤلف، أو لإصلاح سهو، أو لإكمال نواقص. إقرأ المزيد