مشروع الشرق الأوسط الكبير أعلى مراحل التبعية
(0)    
المرتبة: 47,024
تاريخ النشر: 01/07/2005
الناشر: دار الشروق للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:في أوائل العام 2004 خرجت الولايات المتحدة بما أسمته مشروعاً للإصلاح في "الشرق الأوسط الكبير" ومنذئذ وهذا المشروع يشغل حيزاً هاماً من اهتمامات الأوساط الحاكمة في المنطقة وكذلك في وسائل الإعلام. ويبدو أن توقيت طرح هذا المشروع ليس من باب الصدف، بل جاء كتتويج لسلسلة من الخطوات الأمريكية النوعية ...التي سبقته في المنطقة، بدأت مع انهيار النظام الدولي ثنائي القطبية، لعل من أبرزها: حرب الخليج الثانية عام 1991، وإعلان بوش الأب، بمجرد انتهاء تلك الحرب، عن مولد النظام الدولي الجديد ذي القطب الواحد، ثم الغزو الأميركي لأفغانستان ومن بعده العراق، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يزداد الغموض والشك حول القوى الحقيقية من ورائها (رغم أن ابن لادن صرح بأن تنظيمه هو الذي قام بها)، هذه التفجيرات التي شكلت بدورها منطلقاً لتصعيد نوعي جديد في السياسة الخارجية الأمريكية تجسد في إعلان واشنطن لعدد من المبادئ، يأتي في مقدمتها: "من ليس معنا فهو ضدنا"، و"الحق الأمريكي في الحرب الاستباقية أو الوقائية" و"الحق الأمريكي الاستباقية أو الوقائية"، و"الحق الأمريكي في عدم السماح بتحدي قوتها العسكرية أو التفوق عليها". من جانب آخر، يلاحظ أن الولايات المتحدة الأميركية شنت، منذ انهيار النظام الدولي ثنائي القطبية، ثلاثة حروب انحصرت في الشرق الأوسط وحده.
وهذا مؤشر واضح على الأهمية الخاصة التي راحت تحتلها هذه المنطقة في الاستراتيجية الكونية الأمريكية لما بعد الحرب الباردة ولكن رغم هذه الكثافة والتركيز للنشاط الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، فليست واشنطن اللاعب الوحيد في الساحة. فغدا شعوب المنطقة، هناك الدول الرأسمالية الكبرى ذات المصالح في المنطقة، وبخاصة الدول الأوروبية والتي طرحت ومنذ البدء في النصف الأول من تسعينات القرن العشرين مشاريعها الخاصة مقابل المشاريع الأمريكية التي طرحت آنذاك.
وحين طرحت واشنطن، مؤخراً، مشروعها "الشرق الأوسط الكبير" طرحت الدول الأوروبية، بدورها مشاريعها الخاصة. في ضوء ذلك، يمكن القول بأن حصيلة هذه النشاطات غير العادية منذ بداية التسعينيات القرن الماضي، تشير بوضوح كاف أن منطقة الشرق الأوسط تتحول بسرعة إلى ساحة أساسية للصراعات المتعددة الأطراف، وأن المؤشرات توحي بأن هذه الصراعات مقدر لها أن تتصاعد وتتفاقم. وليس من باب الصدق، في هذا المجال، أن تسعى واشنطن لنقل ثقل نشاط حلف الأطلسي من "موطنه" أوروبا إلى الشرق الأوسط بالذات.
وكانت الخطوة الأولى، في هذا الاتجاه، كما هو معروف، في أفغانستان، والآن يجري العمل على سحب نشاطه إلى العراق، ولو تحت عناوين أقل إثارة في البدء، كتدريب القوات العراقية وسواها من النشاطات المشابهة، كما جاء المشروع الأمريكي لإعادة انتشار القوات الأمريكية على نطاق العالم يعزز هذا التوجه. لكن طرح واشنطن بالذات لمشروع "الشرق الأوسط الكبير" وتوقيت هذا الطرح، بدعوى من الإصلاح، يثر السؤال الكبير عن الدور الأمريكي (والغربي عموماً) في نشوء هذا الواقع المؤلم، الذي تدعو واشنطن لإصلاحه. وحول هذا التساؤل يدور البحث في هذا الكتاب في محاولة لاستشفاف الأبعاد الحقيقية لمشروع الشرق الأوسط الكبير وإبراز أهداف الولايات المتحدة في فرض التبعية على تلك المنطقة من العالم بصورة خاصة والعالم كله بصورة عامة. إقرأ المزيد