انطون سعاده والديمقراطية في سورية الطبيعية
تاريخ النشر: 01/01/2004
الناشر: دار سعاده للنشر
نبذة نيل وفرات:منذ أن بدأت تظهر ملامح التغلغل الغربي على شواطئ شرقي المتوسط أخذ المفكرون في العالم العربي بالتساؤل حول أسباب انحطاطهم بعد ماض مجيد. كان السؤال ملحاً، مقلقاً، وجوابه يتطلب جهداً على أصعدة عديدة. وتمت الاستجابة بطريقتين متغايرتين.
إحدى الاستجابتين قام بها علماء الدين ومن تأثر بتعاليمهم. فرأى هؤلاء أن انهيار ...المسلمين يعود إلى أنهم شذوا على الصراط المستقيم.
أما الاستجابة الثانية فقد اتخذت مقاربة ترتكز على العقل والبحث العلمين والمنطق لتفسير الانهيار الحاصل في العالم العربي. وحاول هذا التيار أن يقدم الأسباب بطريقة منهجية، ويتوصل إلى حلّها، مستخدماً الأدوات ذاتها التي يستعملها الغرب. آمن هذا التيار بأن العلم والمعرفة لا هوية جغرافية لهما، وحالما يتم تبنيهما، يصبحان جزءاً لا يتجزأ من فكر أصلي وحقيقي. وتبين لهذا التيار أنه لم يكن باستطاعة الغرب أن يتقدم لولا الثروة العلمية الهائلة التي تميز بها.
وانطون سعاده وريث التيار الثاني إذ إنه تبع خطى أبيه الذي انخرط فيه هذه الحركة. واستنبط انطون سعاده مشروعاً اجتماعياً وسياسياً يخرج وطنه من التخلف والذل.
ولسوء الحظ، لم يتم التطرق إلى دراسة منهجية لفكر سعاده من محازبيه أو من المثقفين فيما عدا ثلاثة كتب، وشوه فكر سعاده من قبل الأصدقاء والأعداء معاً لاعتمادهم على الشائعات وعدم قراءتهم لأعماله التي جمعت بأربعة عشر مجلداً.
ويمكن عزو هذا الغموض المعتمد، والضبابية في الفهم إلى ثلاثة عوامل رئيسية: أولاً: الارتباك الحاصل نتيجة الخلط بين فكر سعاده من جهة، وإنشاء حزبه من جهة أخرى. ثانياً: لم يتم اضطهاد حركة أو إيديولوجيا كالاضطهاد حركة أو إيديولوجيا كالاضطهاد الذي تعرض له فكر انطون سعادة من قبل السلطة اللبنانية إبان الانتداب الفرنسي، ومن ثم بعد الاستقلال عام 1943، فانطون سعاده هاجم دون هوادة الطائفية، والعشائرية، والإقطاع، والتعصب الديني باسم الدولة المدنية والديمقراطية. ثالثاً: إن إيديولوجية سعاده تضاربت مع الأحزاب الناشئة في سورية ولبنان. فمن جهة، اعتبر سعاده إن حزب الكتائب يعبر عن وجهة نظر المارونية السياسية، بينما اتخذت الحركة القومية العربية اللون الإسلامي السني.
وهذا الكتاب يتناول مفهوم انطون سعاده للديمقراطية، وهو بحث لم يتم دراسة بالرغم من أهميته، فالعديد من المثقفين نظروا في تكوين الحزب، واستنتجوا آراءً خاطئة أسقطوها على فكر انطون سعاده، ذلك أنهم خلطوا بين الغاية والوسيلة، واعتبروا أن الحزب غاية بينما يحدد سعاده الحزب بأنه وسيلة لبلوغ غايته.
بالإضافة إلى ذلك تجرأ بعض الأكاديميين على إصدار أحكام حول فكر انطون سعاده بالرغم من أنهم لم يقرأوا كتبه. واعتمدوا على مصادر ثانوية غالباً ما دونها أخصام سعادة السياسيون.
هذه الأسباب دفعة "صفية انطون سعاده" إلى البحث عن حقيقة فكر سعاده وهي تقول حين نتبين، بشكل موضوعي، مفاهيم انطون سعادة للديمقراطية، بناء على المصادر الأولية وليس بناء على الأقاويل والإشاعات، عندئذ نستطيع أن نقومه بتجرد وأن نعطيه حقه. إقرأ المزيد