موسوعة مصطلحات الفكر النقدي العربي والإسلامي المعاصر
تاريخ النشر: 01/12/2004
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
نبذة نيل وفرات:إن طبيعة النهضة العربية والإسلامية، ونظراً إلى مرحلتي الثورة والهزيمة اللتين أعقبتاها من عدة حقبات منها، قد ولّدت نهضة ثانية، مطبوعة أكثر فأكثر بالفكر النقدي الثائر. وقد غطى هذا النقد (منذ منتصف القرن العشرين وحتى أيامنا هذه) معظم ميادين المعرفة والحياة: أكان نقد العقل، نقد الفلسفة، نقد الذات والآخر؛ ...أم نقد العقيدة، نقد السلطة، نقد القيم، وأخيراً وليس آخراً نقد النقد. تجلت هذه المناحي النقدية وصبت في اتجاهات فلسفية واجتماعية وسياسية واقتصادية ودينية، في ضوء تجارب وصراعات عاشها وخاضها أصحابها في كل صقع من أصقاع العالم العربي والإسلامي: اتجاه وضعي من هنا، يوازيه اتجاه عقلاني من هناك، اتجاه موضوعي علمي يقابله آخر ذاتي وجداني؛ توجه قومي عند هذا، تضاهيه نزهة دينية عند ذاك، فنضجت العقول على مختلف مشاربها بمكنونات النفوس، وأدّت إلى مساجلات ومحاججات ومشاحنات وحوارات ملأت صفحات الكتب، وغطّت صدارات الصحف والمجلات العلمية نظراً إلى علة تفتت هذا العالم الشرقي إلى ممل ونحل من جهة، وغنى تجارب أصحابه ومعتقداتهم المختلفة من جهة ثانية.
فإذا ما قام أحدهم بتفكيك بنى العقل العربي ونقد أنماطه محاولاً إعادة تركيبه بقوالب جديدة وحديثة، انبرى الآخر منتقداً متسائلاً: أوَهل هناك عقل عربي؟ وردّ ثالث بنظرية خصّها للعقل دحضاً لكل الإشكاليات المفتعلة، وتثبيتاً لهداية فكرية شمولي ما فتئ فعلها يلقى الصدى والأثر لدى المثقفين العرب. لقد واجه هؤلاء النقاد التيارات المعاصرة الوافدة وحاولوا استيعابها وتوظيفها في مختلف تفكيكاتها وبناءاتهم.
وهي في الكثير من توجهاتها تعارض وتتحدى القائم لدينا والمكرس عقائدياً وسلطوياً وتقليداً. حاول هؤلاء تنصيب العقل، وإخضاع الدراسات الدينية لسلطته، مع إدخال ضروب حديثة في المناهج والمعارف لنقد قوالب الفكر الديني وفنون الحياة السالفة. فلاقى بعضهم المعارضة والتهميش أو الملاحقة والتكفير، وهم في صلب معركة الصراع الثقافي والتقدم الحضاري وما يزالون، مما انعكس إحباطاً في نفوس بعض الثائرين الذين شعروا بعقم محاولاتهم فانكفأوا.
من هذا المنطلق جاءت هذه الموسوعة زبدة لقراءات وتحليلات واستقاء مفاهيم معظم هذه المواقف، والتي تناولت إعادة قراءة نصوص التراث، وجميع أدوات التفكير المعاصر وعباراتها (أكانت عربية الأصل أم غربية المنبع). وفي سياق الاستخراج الموسوعي لمصطلحات الفكر العربي والإسلامي، تمّ اعتماد صيغة التحقيب التاريخي من الناحية الزمنية، مع تبني أيضاً صيغة تصنيف ثانية تقوم على ضبط الموضوعات المعرفية المطروحة. فجاء التناول لموضوع معين في ظل حقبة زمنية محددة، كما في المصطلح الكلامي مثلاً، إذ تمّ استلاله منذ نشأته في القرن الثاني الهجري وحتى نهاية القرن الثامن منه حيث اندمج التحقيب التاريخي يومذاك مع التصنيف المعرفي، ولم يعد علم الكلام بعدها مطروحاً بالصيغة نفسها لا مضموناً ولا شكلاً.
أما من حيث المنهجية التي تمّ السير عليها في تحقيق هذه الموسوعة فكانت كالتالي: 1-اختيار الموضوعات الجلية والتي تفي بتعريف المصطلح وبيان أبعاده، وإسقاط تلك الغامضة التي اكتنفها اللبس وبدت ثانوية في المؤلفات المعتمدة. 2-حصر بعض التعريفات بمعنى مفيد منعاً للتطويل، مع الإبقاء على غيرها كما وردت مطولة استيفاء لمعانيها الواسعة الأطراف والأبعاد، أو تبعاً لأسلوب صاحبها؛ سيّما وأن المصطلح النقدي أمسى وظيفياً ومثيراً للإشكالات. 3-استيفاء معظم تفرعات المصطلح الواحد، تلك المتداخلة معه ضم حقل دلالي واحد. 4-إضافة بعض الألفاظ في مطلع التعريفات أو في وسطها محاطة بقوسين إجلاء للمعنى المحصور في التعريف، أو ربطاً مع ما سبقها للمحافظة على وحدة المعنى وكماله.. 5-التركيز على مناحي المصطلح النقدي في المقام الأول، مع إيراد مصطلحات غربية أو نهضوية، إلى جانبه، استكمالاً لمناحي النقد وتبييناً لما آل إليه المصطلح الفكري والديني اليوم. مثل اتجاه إصلاحي إسلامي، أحزاب راديكالية، تكنولوجيا، إحيائية وروحانية، المناهج والمنهجيات (على أنواعها... الخ). 6-الاكتفاء بعض أبرز المصطلحات وأشهرها ببعض النماذج الأساسية. 7-المحافظة على أسلوب النقاد بخصوصيته، وما أبقوه منقولاً مقرّباً من المصطلحات الأجنبية. 8-ترتيب المصطلحات بحسب اللفظ دون العودة إلى الجذر. إقرأ المزيد