البوصلة القرآنية، إبحار مختلف بحثاً عن خريطة للنهضة
(0)    
المرتبة: 677
تاريخ النشر: 01/12/2011
الناشر: دار الفكر المعاصر
نبذة نيل وفرات:إن اختيار الخطاب القرآني للعقل غاية ووسيلة في آن واحد، ينبع من طبيعته الإعجازية أصلاً... فبينما اعتمدت باقي معجزات الرسل على (إعجاز) الحس والعقل، بأفعال خارقة للقوانين الطبيعية المادية، فإن إعجاز القرآن على العكس من ذلك يعتمد على إيقاظ العقل والنهوض به. المعجزات الحسية التقليدية، لو تتبعنا كلاًّ منها ...على حدة، تعتمد على خرق، واضح للعيان لظاهرة مادية تقليدية، يتبعها اعتراف من الشهود بعجزهم العقلي عن فهم أو متابعة هذا الخرق، يستلزم هذا العجز التسليم والانقياد التام من قبل الشهود لصاحب المعجزة، وبالتالي التصديق بقضيته الأساسية: التوحيد وطاعة الرسول غالباً. هذه الثلاثية المتلازمة (التحدي-الإعجاز-والتسليم) تسلك طريقاً آخر مع المعجزة القرآنية، فإذا كانت هذه المتلازمة اعتمدت وبشكل أساسي على إعجاز العقل، أي إعلانه العجز والهزيمة، ورفعه الراية البيضاء عبر الانقياد، فإن أي مظهر أو أثر لمحاولة من هذا النوع عبر المعجزة القرآنية غير موجود على الإطلاق.
وعلى العكس من ذلك فإن آلية (الإبطال) القرآنية لمعتقدات وتقاليد وقوانين الجاهلية، كانت تعتمد أساساً وبشكل كبير على استنهاض قيم وطرق تفكير مضادة، قوامها استنهاض العقل بدلاً من محاولة الهزيمة، وإعلان قيامته بدلاً من إعلان عجزه.
كان هذا هو محك الرهان القرآني في إعجازه، أن يقوم العقل من سباته، ليكون الحكم في قضية قديمة تعددت فيها الأقوال والأحكام والأساليب، وأن يعلن ثورته على (اللاعقل) السائد بكل مظاهره المتعددة، ابتداءً من الشرك إلى مظاهر الاستغلال والقهر الاجتماعيين... وظلت المعجزة القرآنية فريدة ونادرة في الإصرار على مخاطبة العقل، والعقل وحده، في عملية التغيير التي هي هدف كل دين وكل رسالة وكل دعوة.
ولعل هذا الإصرار على ما هو جوهري لا في طريقة التبليغ فحسب، بل في طبيعة الرسالة ذاتها كان عاملاً مهماً وأساسياً وحاسماً. في كون الإسلام هو الرسالة الخاتمة للرسالات السماوية السابقة. فالطابع الحسي لمعجزات الرسالات السابقة دمغ هذه الرسالات بطابع حسي، يتناسب مع لغة اللالعقل. التي كانت سائدة، والتي استطاعت المعجزة الحسية اختراقها والتفاهم معها، لكن الرسالة الخاتمة يجب أن تتميز عن ذلك، بتقديم لغة حية تصلح مقدماتها ونتائجها لكل العصور، لا تصلح لكل العصور، بل هي تصلح كل العصور.
وكان هذا سراً آخر من جوانب إعجاز الخطاب القرآني... كان لا يزال، لولا ضمن هذا المناخ الفكري المنفتح يأتي هذا الكتاب الذي يبحث الكاتب من خلاله عن هذه الخطوط القرآنية والثوابت المفقودة، وهو بالتالي في كيفية فقدانها، في الظروف والملابسات التي أدت إلى فقدانها وأتت بخطوط أخرى مختلفة، بل ومضادة للخطوط القرآنية ويقول الكاتب هذه الخطوط المحتمية بالمؤسس الدينية التقليدية هي بمثابة أسلاك شائكة، من الصعب تجاوزها واختراقها، والتحدث في هذه الأمور هو أشبه بالتجول في حقل ألغام معرض للانفجار في أي وقت... والمتصدي لهذه الأمور يعرف جيداً جسامة مهمته، بل إنه يكاد يحفظ غيباً كل التهم التي ستلقى عليه، لكنه يحتمي بما هو أقوى من المؤسسة التقليدية نفسها، إنه يحتمي بالقرآن وكفى بمنزله وكيلاً وحسيباً. ويتابع الكاتب قائلاً: المهم صعبة، نعم. وشاقة، نعم. لكن لو أردنا النظر في واقعنا ستعرف: أن السكوت لم يعد ممكناً، وأنه لا بد لأحد أن ينطق. وهذه علامة على الدرب.نبذة الناشر:إنها البوصلة الهادية إلى الطريق الصحيح في لجج البحار، أو في متاهات الأرض... بل وفي ضياع النفس الإنسانية هنا وهناك لا تصل إلى غايتها السعيدة، وهي بوصلة لا تكون إلا بيد من يحسن استخدامها الأمثل، لتهتدي إلى الطريق الذي رسمه الله، فإذا أضاعها المسلمون بطول الأحد والركون إلى الأفكار القديمة البالية، يمكن لغيرهم أن يسترشد بها ويصل إلى القصد السوي... إلى حيث أراد الله. إن على الأمة اليوم أن تحسس هذه البوصلة الموصلة، التي علاها الصدأ، فأساءوا استخدامها. إقرأ المزيد