تاريخ النشر: 01/09/2003
الناشر: دار النهار للنشر
نبذة نيل وفرات:"إنه مساء الثامن من كانون الثاني من العام 2002، ما كنت أرمي إلى كتابة ما أكتبه، فهو مجرد استطراد، لا أكثر. مجرد استطراد بين مشهدين كما قلت لنفسي. لقد تخطى الوقت قليلاً منتصف هذا الليل البارد، الحالك الظلمة، المسكون برياح عاطفة مستمرة بلا توقف منذ ما قبل المغيب، وأنا ...مقيم هنا قبالة النافذة الكبيرة التي لا شيء يرى فيهان مأخوذ بالتعبير عن تلك اللحظة التي انتابتني فجأة يوم أمس، والتي كما ذكرت من قبل يمكنني أن أمضي عمراً كاملاً في التعبير عنها.. عندما أقول إني أستطيع ان أمضي عمراً كاملاً في التعبير عنها دون أن أنهي ذلك، فأنا لا أتكلم في صورة مجازية بل أصف حقيقة واقعة بارزة الوضوح لديّ. وعندما أذكر أني قلت ما أودّ قوله فأنا أقصد أني قلت ما هو مستطاع القول في حدود اللغة والوعي".
تلك اللحظة التي قفزت إلى ذاكرته هي سرّ الكاتب وكنزه الدفين، وإذا كان من دعوة لديه فهذه اللحظة هي دعوته، وحتى إذا كان مقيماً في نقطة ما، في موقع ما ينبع منه كلّ ذلك، فهذه اللحظة هي دليله إليه. وإذا كان من إضافة على الأوصاف العديدة للحظة الكاتب هذه، فهي طبيعتها المجردة والعابرة والواحدة. هو يحاول استحضارها من خلال تواجدها الآني في وجدانه وفي وعيه، يحاول إحالة تردداتها الداخلية إلى حروف وعبارات وعلى الرغم من اتسام لحظته تلك بالتجريد الأكمل إلا أنها أيضاً تتسم بما يشبه الحضور اللازمني وسرعة العبور في آن واحد. ثم أنها، على تباعد حدوثها في الزمان أو تقاربه، ورغم اختلاف الأمكنة والحالات التي تنبثق فيها، فهي على الأرجح لحظة واحدة يتكرر حدوثها في كل مرّة. فهي موصولة كلّها بخط خفي واحد، وهي مفتوحة كلياً بعضها على بعض رغم الفاصل الزمني بينها الذي يمكن أن يطول كثيراً إنها اللحظة نفسها.
بعبارة أخرى هي فلسفة لحظة أثيرة يعبر عنها الكاتب في عبور الركام، تخيّل للتعبير عنها أشكالاً عدّة نشير إلى ثلاثة منها: 1-الانطلاق من طبيعتها المجردة فيعبّر عنها مشهداْ وراء مشهد إلى ما لا نهاية. 2-الانطلاق من الإطار الذي تتم فيه أو من أحد مشاهده، يكون هو "المشهد المختار" يغوص الكاتب وراءه إلى الحدّ الأقصى. 3-السير في إحدى الطرق التي يحبها ليعبّر عن تلك اللحظة مرحلة بعد أخرى في المدى الذي يمكن ان يطول حتى آخر ما يُرى. إقرأ المزيد