تاريخ النشر: 01/01/1989
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
نبذة المؤلف:حكم السلطان محمد الفاتح نيفاً وثلاثين عاماً تعد من أهم الفترات في تاريخ العلاقات السياسية والحربية بين الإسلام والنصرانية وبين الشرق والغرب. ولا تنحصر أهمية أعمال الفاتح الحربية في فتح القسطنطينية عاصمة النصرانية التليدة في الشرق، والتي قامت خلال عشرة قرون بأسوارها الضخمة المنبعة تدفع عن نفسها غزوات الغزاة من ...الشرق والغرب، فما هذا الفتح-على عظم خطورته وبعد آثاره-إلا واحد من فتوحاته العديدة الكثيرة في أوروبا وآسيا.
أما في أوروبا وبخاصة الجزء الجنوبي الشرقي منها فقد أدت فتوحاته إلى توطيد السيادة العثمانية فيها توطيداً مكنياً راسخاً بعد أن كانت في عهود سلفه من السلاطين مزعزعة مضطربة. وأما في آسيا فقد قضى السلطان الفاتح على البقية الباقية من الإمارات والقلاع القائمة في آسيا الصغرى وجعل هذه البقعة برمتها تحت سيادة عثمانية خالصة.
على أن حروب السلطان الفاتح في آسيا لم تكن حروباً أسيوية محضة، أعني أنها لم تكن بين الدولة العثمانية وبين دول وإمارات آسيوية فحسب بل دخلت فيها عناصر وعوامل أخرى مختلفة امتزجت عجيباً كان من أثره ذلك التحالف الغريب ضد الدولة العثمانية بين إمارات إسلامية وأرثوذكسية ي الشرق وبين البابوية وبعض الدول الأوروبية الكاثوليكية والتجارية في الغرب.
وماذا كان موقف مصر من هذه الدول المتنازعة المصطرعة أمامها وبالقرب من حدودها في بعض الأحيان؟ وماذا كان موقف هذه الدول منها؟ هل لزمت مصر الحيدة تشاهد الأحداث الجارية الخطيرة بدون اكتراث ولا مبالاة؟ أم ألقت دولها في الدلاء لتجني لنفسها بعض الغنم، وما كان أثر ذلك في العلاقات السياسية بينها وبيم الدول العثمانية، هذه العلاقات التي ظلت منذ قيام هذه الدولة على خير ما تكون من الصفاء والمودة؟
وقد بلغ الصراع ين الفاتح والبابوية درجة من الحدة والعنف لم يبلغها في أي عهد من قبل. ولأنل مرة في تاريخ العلاقات الحربية بين الإسلام والنصرانية نشاهد أحد البابوات يخرج من روما ليتولى بنفسه قيادة حملة صليبية. ولأول مرة أيضاً في تاريخ العلاقات بين الإسلام والنصرانية نرى سلطاناً مسلماً يدعوه البابا إلى اعتناق النصرانية ويعده بالملك العريض والمجد الشامخ في الأرض.
وقد وصل الجيش العثماني في زحفه إلى الغرب شواطئ بحر الأدرياتيك ولم يلبث أن وثب إلى إيطاليا نفسها ووطد إقدامه في جنوبها. فإلى أي مدى كانت تمتد فتوحاته في أوروبا لو لم يباغت الموت السلطان محمد الفاتح في ذلك الحين وهو في اسكدار بين جيشه ولم يكن قد جاوز الحادية والخمسين من عمره؟
لقد حاولنا في هذا الكتاب أن ندرس جميع هذه الأحداث الحربية والعلائق السياسية المختلفة ونجلوها على حقيقتها ونرد كل شيء إلى بواعثه وأسبابه ونكشف عن آثاره ونتائجه. وكان لا بد بعد انتهاء الحديث عن هذا كله من خاتمة تتناول جوانب أخرى من شخصية محمد الفاتح وأعماله.
وقد رأينا قبل كل شيء أن نصل حكم السلطان محمد الفاتح بحكم من سبقه من سلاطين آل عثمان فأتينا لذلك بتمهيد وجيز جامع عن نشأة الدولة العثمانية في آسيا الصغرى إلى أن تولى زمامها محمد الفاتح ليكون البحث متصل الحلقات متسق الأجزاء مطرد الخطوات. إقرأ المزيد