كتاب الإلهيات مخطوط من العالم 1708
(0)    
المرتبة: 84,656
تاريخ النشر: 01/03/2003
الناشر: منشورات جامعة سيدة اللويزة
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:من أبرز الدوافع لنشر هذا العمل بالذات هو أن كتاب الإلهيات، الذي ألفه يوسف شمعون السمعاني، ما يزال مخطوطاً وبالتالي مجهول المعالم ومجهول المكانة الفكرية بين أعمال السمعاني من جهة، وفي سياق الأعمال الرئيسة في تراثنا الأدبي والفلسفي من جهة أخرى. وإذا ما حاولنا تصنيف هذا الكتاب لقلنا أنه ...قابل للتصنيف ضمن الفلسفة واللاهوت. بهذا المعنى يشكل كتاب الإلهيات للسمعاني محطة بارزة في تطور الحركة الفلسفية في المشرق منذ القرن السابع عشر. يقع الكتاب في ثلاثة أجزاء وضعها السمعاني بالكرشوني.
وفي محاولة لفهم كتاب "الإلهيات" نقول أن جدلية السمعاني يقدر في كتاب الإلهيات من خلال طبيعة طرحه لإشكاليات بحثه. ففي كل مادة من مواد الكتاب ثمة تفصيل للجزئيات التي يدخل إليها من خلال الأنواع المحتملة لكل جزء، ثم تضاعيف تلك الأنواع وكأنه يبحث في الطبقات العقلية في تشريحها الفلسفي لكل مادة من مواد الجدل المطروح، وما يتضمنه من مقارعة الحجة بالحجة ومناقشة الإثبات باعتراضه أو نفيه أو نقده. ويتضح أثر المنطق وأثر الفلسفة في أسلوب المعالجة التي يتبعها المؤلف في التصدي لموضوعه، رغم صعوبة اللغة التي تسهم أحياناً في مزيد من الإبهام، سواء أكان ذلك عن عمد أو عن غير عمد.
في معالجته لمعرفة وجود الله، يعمد السمعاني إلى النفاذ من المعرفة "الظاهرة"، كما يسميها، إلى المعرفة "المبهمة"، التي نستدل من شرحه أنها المعرفة الجوهرية، حيث أن معرفة الله هي ضرب من معرفة السعادة الأخروية ومعرفة الأخلاق، أو ما يسميه: "القانون الأول للأفعال البشرية". والملفت أن المسعاني يردف مناقشته لمعرفة وجود الله بجملة من الاعترضات، وكأنه بذلك يبحث عن الموقف المناقض والفكر المعترض كجزء لا يتجزأ من هذا النقاش. ومن الاعتراضات التي يتوقف عندها مثلاً: الجهل بوحدة الوجود، التي تجعل من "الله والموجود شيئاً واحداً. والضلال في تحديد معنى السعادة و"القانون الأدبي"، وأهمية التمييز بين الوجود بالعقل والوجود بالذات، كون "الدرس" أو العلم لا يناقض "المعروف" أو المعرفة بالذات، وأن صفة الخير الأعظم لله لا تشكل شرطاً لوجوده، لأن هذه الصفة، كما يرد السمعاني، موجودة بوجود الله.
يستهل الفصل بتحديد للمفاهيم، وهذا التحديد يبدأه عادة بفعل القول: نقول، أو قال البعض، أو قال بعض الفلاسفة... ثم يتبع ذلك بأقسام الموضوع، ثم أقسام الأقسام، ويلحقها بسلسلة من البراهين العقلية المبنية على الجدل المنطقي، وأحياناً اللغوي.
وثمة فصول قليلة يعمد فيها إلى صيغة السؤال والجواب، فتتمرر الأسئلة حول مسألة لهوتية معينة وتليها الأجوبة. ويورد أحياناً أجوبة عدة للسؤال الواحد. هذا البناء الفكري، أو الأسلوب في المعالجة، يشكل نمطاً آخر للهيكلية العامة المتبعة في الكتاب. ومن الفصول القليلة التي تسير على صيغة السؤال والجواب: الفصل العاشر من المقالة الثانية عشرة. والفصل بعنوان "هل يقدر الله أن يخلق عالماً آخر أكمل من الموجود".
ورغم استناد السمعاني في مقارعاته أو مطارحاته الفلسفية على أهل العلم والمعرفة، فهو نادراً ما يذكر هؤلاء بالتحديد. فكثيراً ما ترد عبارات لديه تشير إلى التعميم من دون التخصيص.
ويبدو الأثر الفلسفي واضحاً في فكر السمعاني في بعض المسائل المحددة التي يعالجها، كمسألة العلة، حيث يفصلها إلى علة أولى وعلة فاعلة وعلة معلولة وعلة مادية وأخرى صورية غائبة، والعلل المعاكسة... وصولاً إلى العلة الفاعلة الأولى وهي الله. وهو يناقش كل نوع أو ضرب بمفرده، متوقفاً عند المفارقات الذهنية ما بين واجب الوجود والوجود بالقوة والوجود بالفعل وتراتب المخلوقات، مناقشاً مقارناً مطابقاً في استجماعه للبراهين والحجج العقلية المطلوبة.
والملاحظ أن السمعاني يعود تكراراً إلى استشهادات من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، وكأنه يقتصر في كتاب الإلهيات على قراءته الفلسفية المستندة إلى علم المنطق، للوجه اللاهوتي من الكتاب المقدس. هو يستعيد بلغة الفلسفة مناخات العهد الجديد، ويقيم من البنية النصية المقدسة عمارة فكرية متماسكة، وإن افتقرت إلى الإسناد، تعزيزاً لمقارعة الحجة بالحجة. ويلاحظ القارئ أيضاً أن المؤلف يشير بين الحين والآخر إلى مؤلفات أخرى له سبق ووضعها في علم المنطق وعلم الطبيعة.
ويرى المسعاني أن الصفات الإلهية المطلقة تنقسم إلى صفات واجبة وأخرى ممكنة، وحجته في ذلك أن الواجبة لا تمتاز عن الذات الإلهية، في حين أن الممكنة تمتاز عن الذات العلوية وفق مدلولاتها الإنسانية. يرد ذلك بلغة السمعاني "كحسب المدلول بها من طرف الخلائق".
ومن مصادر السمعاني في بحثه عن "توحيد" الله، وفي سؤاله هل توحيد الله متبرهن، ما هو في النصوص كالكتب المقدسة وكتب "الآباء والمعلمين"، ومنها ما هو في النفوس، كمعتقدات المسيحيين والصفات الإلهية، ومنها ما هو في الكون والوجود، وهذا ما أسماه المؤلف من "مصنوعات الله المعلومة لنا". وإذا قسنا هذه المصادر على سائر فصول الكتاب، لوجدنا أن معظمها مستل من الكتاب المقدس، وأقلها مرتكز على "المعلمين" أغوسطينوس والأكويني، مما يطرح السؤال: إلى أي مدى عزز السمعاني بحثه الفلسفي اللاهوتي هذا بمقتربات نابعة من المدارس الفلسفية الأوروبية، سيما تلك التي كانت في العصر الوسيط ومطلع عصر التنوير؟ وإن أفاد منها، فلماذا لم يتوقف عندها بالتفصيل؟ وإن لم يفد فما هو السبب في تهميش منحى أساسي له علاقة مباشرة في علم الإلهيات موضوع الكتاب؟
وما يبرر مثل هذا التساؤل أن السمعاني في معالجته المتشابكة والمعقدة والدقيقة للمسألة الإلهية لا يحفظ دائماً التوازن الفكري المطلوب في طبيعة التصدي لزوايا الموضوع ومنعرجاته المختلفة. فبعض المواضيع الهامة يعالجها ببضعة أسطر، في حين يطيل المعالجة في مواضيع أخرى قد تكون أقل أهمية.
ولئن بدت لغة السمعاني في "كتاب الإلهيات"، بأقسامه الثلاثة، على شيء من ضعف التركيب وافتقار إلى سلامة المفردات وعدم ضبط القواعد اللغوية بصورة دائمة، فذلك يفسره أمران: أولاً ثقافة الرجل التي سبق اللسان اللاتيني فيها لسانه العربي، وثانياً أنه أعطى من زاده اللغوي العربي ما يستوجب عدة أصلب، وخلفية لغوية أمتن، فتمادى فكره متجاوزاً حدود طاقاته اللغوية العربية. وقد آثرنا الحد من التدخل في لغة الرجل كي يبقى القارئ على قرب من قلمه وعلى تواصل مع مذاق عبارته.
خلاصة القول، والقول ذو سعة، أن هذا الكتاب يشكل محاولة جادة لبناء فكري متراص، يتميز بنفاذ تفاصيله، رغم بعض الهفوات الفكرية أو اللغوية أو البنيانية التي ألمحنا إلى بعضها. ومرد ذلك عائد ربما إلى نشأة السمعاني في روما منذ التاسعة من عمره نشأة كنسية لاهوتية خالصة في عصر كانت النهضة اللغوية العربية والنورانية المشرقية ما تزال في مطلع عهدها. ولئن كان العديد من فلاسفة العصر الوسيط ومطلع النهضة ولاهوتييهما قد عالجوا المواضيع إياها، فعمل السمعاني هذا يأتي ليدلي بدلوه المشرقي في مسألة بارزة من مسائل الفلسفة الإلهية.نبذة الناشر:يشكل مخطوط (بالكرشوني) كتاب الإلهيات للعلامة يوسف شمعون السمعاني عملاً فكرياً بارزاً من أعمال اللاهوت والفلسفة في مطلع القرن الثامن عشر في لبنان، وضعه المؤلف عام 1708 معالجاً جوهر المسألة الإلهية ومعرفة وجود الله وصفاته وخصائصه. والمخطوطة تنشر للمرة الأولى.
المجلد الأول يضم القسم الأول من الكتاب حيث يتصدّى المؤلف لمسألة البرهان ويناقش الإعتراضات المنطقية لهذه المسألة. كما يناقش مطولاً مسائل الصفات الإلهية ووحدانية الله وحقيقة وجوده في المكان والزمان، وخصائص القدرة الإلهية، نفاذاً إلى جوهر العقل والحياة.
المجلد الثاني يضم القسم الثاني من الكتاب الأول، وفيه يعالج المؤلف مسألة الإرادة الإلهية بعلة الأشياء وطبيعة الخير والشر وحقيقة التغير والثبات وجوهر الإختيار الإلهي وكنه العدل والرحمة والعناية الإلهية وماهية الفضائل والرذائل وإمكانية معاينة الله وإدراكه.
ويضم المجلد الثالث الكتابين الثاني والثالث من هذا العمل اللاهوتي والفلسفي. الكتاب الثاني يتناول التفسير المعرفي لمعنى الثالوث ومسألة برهانه اليقيني والمعتقدي. ثم يعالج موضوع الذات والجوهر والطبيعة والأقنوم ومعنى الآب في الحقيقة الإلهية وصولاً إلى سر الكلمة ولاهوت الإبن وإنبثاق الروح ولاهوته. أما الكتاب الثالث والأخير، فيعالج مسألة التكوين هيئةً وزماناً وتمييزاً بين الخلائق والأشياء.
قدّم لهذا المخطوط الدكتور أمين ألبرت الريحاني الذي عرض بإسهاب لمؤلفات السمعاني المنشورة وغير المنشورة، ثم قام بمحاولة فكرية لفهم كتاب الإلهيات، متوقفاً عند الطبقات العقلية وتشريحها الفلسفي والتدرج من المعرفة الظاهرة إلى المعرفة المبهمة أو الجوهرية، وغلبة البرهان الكوني على البرهان الغائي. ثم تطرق لمسألة "الليتنة" ولمكانة السمعاني في التراث المشرقي وتجلياته. والمقدمة موضوعة بالعربية والإنكليزية. إقرأ المزيد