الحماية الدستورية للحقوق والحريات
(0)    
المرتبة: 58,148
تاريخ النشر: 01/01/1900
الناشر: دار الشروق
نبذة المؤلف:إن سيادة القانون تستمد من سيادة الدستور، فهو الذى يضع الأسس التى يقوم عليها القانون فى كل فروعه، فيسمو عليه بحكم مكانته، وتخضع له جميع قواعده القانونية بحكم وحدة النظام القانونى الذى يعلوه الدستور. وبهذه العلاقة العضوية بين الدستور والقانون، تتدرج القواعد القانونية من حيث المرتبة، فيتخذ منها الدستور وضعه ...الأسمى. إلا أن هذا الوضع المتميز للدستور لا ينفى أن المبادئ والقيم التى يحميها، لها جذورها التى تسبق وجوده والتى تتفاعل فى ضمير الأمة، بل والتى تسود فى ضمير الشعوب. كما أن هذه المبادئ والقيم قد تكون نتاجا لتفاعل القيم الاجتماعية، وانعكاسا لثقافة الإيمان بالحقوق والحريات، مما يجعلها أحد المصادر المشعة التى يأخذ بها الدستور لكى يحافظ عليها ويشملها بالحماية والاحترام بحكم وضعه الأسمى فى النظام القانونى.
إلا أن ذلك لا يعنى أن الدستور حين توضع نصوصه سوف يغطى مسبقا جميع المبادئ التى تحكم التطور السياسى والاجتماعى والاقتصادى، ذلك أنه لا يمكن التنبؤ بها سلفا. فما الذى يضمن استمرار فاعلية القواعد الدستورية وحيويتها فى التأثير على سائر فروع القانون؟!، وهل تعتبر الوثيقة الدستورية انعكاسا للحاضر وتسجيلا لتطور نهائى فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟!، وهل هى مجرد توثيق لمرحلة تاريخية؟! وما الذى يعطى للدستور فاعليته فلا يتحول إلى مجرد برنامج سياسى لسلطات الدولة؟
وإذا كانت الحماية الدستورية للحقوق والحريات تمثل أهم الدعائم الدستورية للقانون بجميع فروعه حين ينظم العلاقة يبن أفراد المجتمع ويوازن بين هذه الحقوق والحريات وبين المصلحة العامة، فإن تحديد الحماية الدستورية للحقوق والحريات يمثل مشكلة حاكمة فى جميع فروع القانون. ولما كانت الرقابة على دستورية القوانين هى الضمان لقيام القانون على أسس دستورية، فإنه يكون واضحا مدى التلازم بين حقيقتين، أولاهما: أن تحديد الحماية الدستورية للحقوق والحريات مشكلة حاكمة فى جميع فروع القانون. وثانيتهما: أن الرقابة على دستورية القوانين هى ضمان أكيد لهذه الحماية، بل هى ركن ركين فى الدولة القانونية.
وعلى الرغم من أن الحماية الدستورية للحقوق والحريات تطل على جميع فروع القانون، إلا أن القانون الجنائى من أكثر فروع القانون تأثرا بمبادئ هذه الحماية. فهذا القنون يضع الجرائم والعقوبات بما تحمله من سطوة الأمر والنهى والإيلام بالعقاب، ويضع الإجراءات الجنائية التى من شأنها المساس بالحريات. ولابد من وضع الأسس الدستورية لهذا القانون كنموذج للتشريعات التى يجب أن تتطابق مع الأسس التى يحددها الدستور.. ساهمت كل هذه التساؤلات بما تحمله من أفكار فى صياغة المشكلة موضوع البحث فى هذا الكتاب. إقرأ المزيد