حبيب حياة "إطلالة في قلب أنثى"
(0)    
المرتبة: 413,597
تاريخ النشر: 01/01/2020
الناشر: دار مبدعون للنشر والتوزيع
نبذة الناشر:المرأة في زمننا ـ زمن المدنية والعولمة ـ تعددت أدوارُها وزادت مهامُها حتى كشف لها الواقع من كوامن نفسها الخارقة ما كانت تجهلُ، وخلق فيها طاقاتٍ فاعلة ربما لم تتخيلْها يوما، فتحولتْ من قطة أليفة ناعمة الملمس وثيرة الفراش إلى قطة برية، تتحمل عبء مجتمع بأكمله في شتى مجالات الحياة، ...ربما كان هذا التحول نتاج تقصير الرجل أو لأن كليهما يسعي إلى الكمال في كل جوانب الحياة ولا أظنه يتحقق!
ولأن حكمة الله في خلق المرأة الرقة والرحمة فيعتريها شوقٌ لسيرتها الأولى، أن تقرّ في بيتها ويطوّقها ذراع زوجها وولدها ومن قبل أبيها، فتراها تتبرم من هذا الواقع الصلب الذي قُضي عليها فيه بعدم التراجع للوراء.
وبين طبيعة خلق وواقع صلب لا يلين نراها تحولت لقطة برية، تعطي وتحمي، تتكسب وتقاوم، ثم تحب وتحتضن وترق ...، ولكنها دوما تحتاج دفء الحياة لا صقيعها فتضعف أحيانا أوتنهزم!
تلك هي من احتفظت ببقية من فطرة سليمة، أما من فقدت فطرتها فقد تحولت لمسخٍ يشبه الأنثى في حاجاته ويشبه الذكر في سلوكه، وهذا النوع الأخير لم أتعرض له في هذا الكتاب..
غالب الموضوعات تتخذ سياق السرد القصصي، ثم أتبعتها بسلسلة تربوية بعنوان (ملح الحياة) تعين المرأة في تربية طفلها منذ ميلاده وحتى دراسته المناسبة وانتقاء شريك للحياة!
في بيئةٍ ريفيةٍ نشأَتْ (حياة)، وكل ذنبِها أنها أنثى، فهذه البيئة لا يتعلَّم فيها إلا الذكورُ، أما الإناث - لدى أسرتِها الواعية! - فحَسْبُهن المرحلة الابتدائية أو بعض سِنِيها، ثم تتدرَّب على أعمال البيت وتتزوَّج، ونتيجةً لانشغال أبيها بأرضه وتجارته، كان أبوها الرُّوحي هو أخاها الأكبر، الذي صار مدرسًا وشاعرًا، وهو في الأصل وسيمٌ حليم، فخلب لبَّها علمُه ووجاهتُه، وكانت شبيهته، وتمنَّت أن تكون مثله، بكَتْ له كثيرًا وتوسَّلت إليه أن يُعينَها على والدَيْها لتكمل تعليمَها، لكنه لم يجد لذلك سبيلًا، ثم انشغل بنفسه، وظل الحلم يراودُها، بَيْدَ أنه غدا مِن أحلام اليقظة التي تنعش الخيالَ قليلًا ثم تتلاشى.
شاء الله أن تتزوَّج في أسرة لا يهتم أفرادها بالتعليم، ومَن يتعلم منهم فإنما تعلَّم مِن عفو خاطره فقط، وينقطع بمجرد إتقان الكتابة والقراءة، عاشَتْ بقلبينِ: قلب يعفس الواقع، وقلب تداهمه أحلامُ حب التعلم، حب تكادُ لا تُصدِّق بريقَه الذي ينفذ إليك من بين أحرفِها، ويُذهِلك أن يحتفظَ به قلبها كلَّ هذه السنين، ويروي عنه بشوق وحماس، وكأنه حلم الأمس القريب الذي ما زال قابلًا للتنفيذ؛ إذ إنها أوشكت على الستِّين من عمرها!
تحاورتُ معها؛ لأفهم سرَّ هذا الحب!
• وفيمَ حبُّك للتعليم يا (حياة)، وأنت في بيئةٍ لا تحتاجه غالبًا؛ فأنت ربَّة بيت، وأم ممتازة ونشيطة، رحوم أُلْهِمت حكمةً وعمقًا في التفكير، وهذا فوق ما ترجوه أيُّ امرأة هنا؟!
قالت: كانَتْ صديقتي المقربة ابنةَ الشيخ الذي يحفظنا القرآن بالمدرسة، وكنتُ أحبها حبًّا جارفًا لسحر صوتها، وجمال القرآن الذي سكن قلبي حبُّه، ولكنني أفتح المصحف فأتعثَّر، وإن اجتهدت في القراءة أخفقتُ في التجويد، كنتُ أتمنى أن أكون مثلها!
انتهى حديث (حياة)، وبقيت دموعها تُضفِي شبابًا ونورًا على وجهها، فسبحان الودود الذي ننسى ولا ينسى، ونَعجِز ويُلهِم ويُدبِّر.
الرائع في (حياة) أن غالب حديثها بألفاظ القرآن، وكأن معجمها الذي اكتسبَتْه على مدار عمرها تبدَّل أو عاد لصورته الأصلية التي خُلق عليها.
ما أعظمَ حظَّك ورزقَك يا (حياة)! صدقتِ فوَهَبك الكريم سبحانه فوق ما رجوتِ، ولا أرى من خلال حواري معها إلا أن هذا الفضل يعودُ للقدوة المميزة في حياة الإنسان، فقد اقتدت بصديقة صالحة، وشقيقٍ بهر عقلَها من الصغر، وبقيَتِ الفطرةُ تحثُّها على الوصول لنفس المكانة وحيازة ذلك الفضل، ثم الصدق مع الله عز وجل في النية، والمحاولة وعدم اليأس، فما أغناه وأكرمه جل وعز! ما ضره شيءٌ لو أعطى كلَّ إنسان سُؤْله، إلا أنه يختبر الهمم، ويبلو القلوب؛ أتُقبِل أم تكون من المعرِضين؟
انتقُوا لأنفسكم وأولادِكم قدوةً يصْبُون إليها، واصدُقوا معهم، وعلِّموهم الصدق، ولا شك أن الله سيُغنيكم ويغنيهم من فضله إقرأ المزيد